
أخذ العالم ينظر نظرة جديدة إلى إدارة الشركات وأثرها قي الأزمة المالية لنمور شرق آسيا، قد يمكن وصفها بأنها كانت أزمة ثقة في المؤسسات والتشريعات التي تنظم نشاط الأعمال والعلاقات فيما بين منشآت الأعمال والحكومة. وقد كانت المشاكل العديدة التي برزت إلى المقدمة في أثناء الأزمة تتضمن عمليات ومعاملات الموظفين الداخليين والأقارب والأصدقاء بين منشآت الأعمال وبين الحكومة، وحصول الشركات على مبالغ هائلة من الديون قصيرة الأجل في نفس الوقت الذي حرصت فيه على عدم معرفة المساهمين بهذه الأمور وإخفاء هذه الديون من خلال طرق ونظم محاسبية "مبتكرة".
مما أدى لاكتسبت حوكمة الشركات أهمية أكبر بالنسبة للاقتصادات الناشئة نظراً لضعف النظام القانوني الذي لا يمكن معه إجراء تنفيذ العقود وحل المنازعات بطريقة فعالة. كما أن ضعف نوعية المعلومات تؤدى إلى منع الإشراف والرقابة وتعمل على انتشار الفساد وانعدام الثقة. ويؤدى اتباع المبادئ السليمة لحوكمة الشركات إلى خلق الاحتياطات اللازمة ضد الفساد وسوء الإدارة، مع تشجيع الشفافية في الحياة الاقتصادية ومكافحة المؤسسات للإصلاح الإداري والمالي.
أثر الحوكمة في إدارة الشركات:
قد أدت الأزمة المالية بكثير إلى اتخاذ نظرة عملية جيدة عن كيفية استخدام حوكمة الشركات الجيدة لمنع الأزمات المالية القادمة. ويرجع هذا إلى أن حوكمة الشركات ليست مجرد شيء أخلاقي جيد نقوم بعملة فقط، بل إن حوكمة الشركات مفيدة لمنشآت الأعمال، ومن ثم فإن الشركات لا ينبغي أن تنتظر حتى تفرض عليها الحكومات معايير معينة لحوكمة الشركات إلا بقدر ما يمكن لهذه الشركات أن تنتظر حتى تفرض عليها الحكومات أساليب الإدارة الجيدة التي ينبغي عليها اتباعها في عملها.
حوكمة الشركات والقدرة التنافسية:
فإن حوكمة الشركات الجيدة، في شكل الإفصاح عن المعلومات المالية، يمكن أن يعمل على تخفيض تكلفة رأس مال المنشأة. كما ان حوكمة الشركات الجيدة تساعد على جذب الاستثمارات سواء الأجنبية أم المحلية، وتساعد في الحد من هروب رؤوس الأموال، ومكافحة الفساد الذي يدرك كل فرد الآن مدى ما يمثله من إعاقة للنمو. وما لم يتمكن المستثمرون من الحصول على ما يضمن لهم عائداً على استثماراتهم، فإن التمويل لن يتدفق إلى المنشآت. وبدون التدفقات المالية لن يمكن تحقيق الإمكانات الكاملة لنمو المنشأة. وإحدى الفوائد الكبرى التي تنشأ من تحسين حوكمة الشركات هي ازدياد إتاحة التمويل وإمكانية الحصول على مصادر أرخص للتمويل وهو ما يزيد من أهمية الحوكمة بشكل خاص بالنسبة للدول النامية.
إن حوكمة الشركات تعتمد في نهاية المطاف على التعاون بين القطاعين العام والخاص لخلق نظام لسوق تنافسية في مجتمع متطور يقوم على أساس القانون.
وتتناول حوكمة الشركات موضوع تحديث العالم العربي عن طريق النظر في الهياكل الاقتصادية وهياكل الأعمال التي تعزز القدرة التنافسية للقطاع الخاص، وتجعل المنطقة أكثر جذباً للاستثمار الأجنبي المباشر، كما تحقق تكاملاً اقتصادياً للمنطقة في الأسواق العالمية.
استراتيجيات رئيسية لتحقيق الميزة التنافسية:
- إستراتيجية أقل تكلفة: وفيها تكون استراتيجية الشركة تقليل التكلفة بالطبع مع المحافظة على مستوى مقبول من الجودة. مثل الكثير من المنتجات الصينية في الوقت الحالي.
- استراتيجية التمييز: وفيها تكون استراتيجية الشركة أن تقدم منتجات أو خدمات متميزة عن تلك المقدمة من شركات منافسة وبالتالي فإن العميل يقبل أن يدفع فيها سعر أعلى من المعتاد. مثال "منتجات شركة سوني" .
- إستراتيجية التركيز: في هذه الاستراتيجية تركز المؤسسة شريحة معينة من السوق و تحاول تلبية طلباتهم وبالتالي فإن المؤسسة في هدف إلى تحقيق التميز في المنتجات أو السعر أو كلاهما. مثال "حلاق الأطفال".
فالاستراتيجية تهدف إلى وضوح الاتجاه وسير جميع العاملين في اتجاه واحد فمن الصعب أن تكون الاستراتيجية تحقيق التميز والسعر المنخفض. كذلك فإنه من المفهوم ضمنا أن من يهدف إلى التميز فإنه لن يستثمر بلا حدود ولن ينسى السعر الذي يمكن أن يقبله العميل وكذلك من يهدف إلى الوصول إلى أقل تكلفة لن ينسى الجودة المقبولة لدى العميل وقد يحاول أن يجعل المنتج متميزا بعض الشيء ولكن الأولويات في الحالتين مختلفة. ولو نظرنا إلى كثير من الحالات لوجدنا أن المفاضلة بين التكلفة والجودة موجودا فيما عدا في حالة وجود تطور تكنولوجي أو إداري فريد مثل سياسات تقليل الفاقد التي اخترعها اليابانيون أو اختراع تكنولوجيا جديدة للإنتاج وهو ما لا يكون متوفرا لدى معظم الشركات. استراتيجية التركيز على شريحة أو شرائح محددة بما يمكن من تقديم خدمة متميزة لها من حيث الجودة أو السعر أو الاثنين معاً.
التنافسية الجديدة المدرسة الثانية:
تتخذ المنافسة في نظام الأعمال الجديد أبعاداً مختلفة تميزها عن المفهوم التقليدي للمنافسة، وتوضيح خطورتها وصعوبة توفير متطلباتها. ويبين بعض الكتاب أن التنافسية الجديدة هي العمل على خلق الفرص الجديدة والسيطرة عليها واختراق مجال تنافسي جديد.
ومن ثم فليست التنافسية الجديدة مجرد محاولة التفوق على السلع أو العمليات التي يمارسها المنافسون، أو مجرد احتلال موقع في السوق وزحزحة المنافسون عنه، أو الحصول على شريحة من السوق كانت تابعة للمنافسين، أو الحصول إلى حصة سوقية أكبر من المنافسين، ليست التنافسية الجديدة مجرد هذه الأشكال التقليدية، ولكنها إيجاد وتنمية الفرص الجديدة من خلال تكوين رؤية مبتكرة للمستقبل وما يمكن أن تكون به من مجالات للعمل، واكتشاف السبل للوصول إلى تلك الفرص واستثمار تلك المجالات من قبل المنافسين.
"إن التنافسية الجديدة ليست الصراع على شريحة من السوق الحالي بل هي تنمية وتطوير سوق جديد أكبر وأفضل والسبق إلى استثماره".
ويستند مفهوم التنافسية الجديدة على المبادئ التالية:
- إن المستقبل ليس امتداداً للماضي، وأن الخبرات والنجاحات السابقة ليس من الضروري أن تتكرر في المستقبل. ومن ثم فإن التنافسية الجديدة هي محاولة لصنع وتشكيل المستقبل وليس مجرد الانتظار للبحث عن مكان للمنظمة فيه.
- التنافسية الحقيقية هي على الفرص أي على السوق الذي لم يحدث بعد، وليست على حصة في السوق الحالية، وهدف التنافسية الجديدة تعظيم حصة منظمة الأعمال في تلك السوق المنتظرة (الفرص المستقبلية) باستثمار الكفاءات والقدرات التنافسية للمنظمة.
- تتخذ التنافسية الجديدة شكل المواجهة الشاملة بين المنظمة وأخرى (التنافسية بين الشركات)، او فيما بين مجموعات المنظمات (التنافسية بين التكتلات والتحالفات)، أو بين صناعة وأخرى. فالتنافسية الجديدة لا تنحصر في مواجهة سلعة بأخرى او خدمة، ولكنها تمتد لتشمل كل امكانيات وقدرات الشركة المنتجة للسلعة او الخدمة. لتواجه بها كل إمكانيات وقدرات الشركة المنتجة للسلعة بأخرى أو الخدمة، لتواجه بها امكانيات وقدرات الشركة (الشركات) المنتجة للسلعة والمنافسة.
- تعتمد التنافسية الجديدة على التنسيق والترابط بين أجزاء المنظمة لتكوين كتلة متكاملة من الموارد والإمكانيات والقدرات التي يتم توظيفها جميعاً لتحقيق قدرة تنافسية أعلى في مواجهة الموارد والإمكانيات والقدرات التي يحشدها المنافسون.
- تحفز التنافسية الجديدة عملية إبداع قدرات متطورة للمنظمة لسد الفجوة في القدرات الكلية لمواجهة القدرة التنافسية للمنافسين.
- تحتاج التنافسية الجديدة ليس فقط لعامل السرعة وضغط الوقت لضمان الوصول إلى العميل قبل المنافسين، ولكنها تحتاج أيضاً إلى استثمار الوقت الطويل بمثابرة وصبر لتكوين القدرات الجديدة التي يستغرق ابتكارها وتطويرها ووضعها موضع التطبيق فترات طويلة نسبياً. فالتنافسية الجديدة تفرض النفس الطويل والمثابرة من أجل إحداث تأثيراً عميق لتعظيم حصة المنظمة في الفرص المستقبلية.
- تحدث التنافسية الجديدة في مجالات غير منضبطة ولا محددة تحديداً واضحاً نتيجة لعدم اكتمال الشروط والقواعد، وعدم وضوح الأطراف الفاعلة في الموقف (مثال: صناعة المعلومات والتطورات المتلاحقة في شبكة الانترنيت واستخداماتها المختلفة، فالمجال كله لم يستقر بعد وهو أخذ في التشكل)، وذلك بعكس التنافسية القديمة التي تحدث في ميادين ومجالات محددة اتضحت معالمها واستقرت شروط وقواعد التعامل فيها (قارن التنافسية في صناعة السينما بحالة التنافسية بين شركات الاتصال وصناعة الحاسبات الآلية وتكنولوجية المعلومات). ومن ثم تصبح التنافسية الجديدة في ذاتها عاملاً اساسياً للمساعدة في توضيح وتحديد أبعاد وشروط وقواعد التعامل في استثمار الفرص (الأسواق) الجديدة الآخذة في التشكل والتطور.

